,

ركن الدين بيبرس البندقدارى


ولد السلطان المملوكي ركن الدين بيبرس البندقداري -الظاهر بيبرس- على أرجح الأقوال عام 625هـ/ 1221م في منطقة "قيرغيزستان" بوسط آسيا، وبيبرس كلمة تركية تعني أمير فهد، أخذ من بلاده وهو صغير وبيع بالشام للعماد الصائغ ثم اشتراه الأمير علاء الدين أيدكين الصالحي البندقداري وبه سمي البندقداري، ثم آلت ملكيته للسلطان الصالح نجم الدين أيوب فأظهر بيبرس في خدمته همة وشجاعة ميزته بين أقرانه، فضمه السلطان الصالح إلى قوات الأمير "فارس الدين أقطاي" حتى أصبح من كبار القادة المماليك، وعندما وصل (لويس التاسع) بحملته الصليبية إلى مصر كان بيبرس من الذين تصدوا له في معركة المنصورة عام 1249م، فأسر لويس التاسع وانهارت حملته.

عقب اغتيال أقطاي وتولي السلطان عز الدين أيبك حكم مصر اضطر بيبرس إلى الانتقال إلى الشام، إذ لم تكن العلاقة بين أيبك وأقطاي على ما يرام، وبعد أن تولي الأمير قطز مقاليد الأمور في مصر قام باستدعاء بيبرس من الشام لمعاونته في إيقاف زحف التتار على الشرق، فتمكنا معاً من سحق التتار في معركة "عين جالوت"، وعهد قطز إلى بيبرس بمهمة ملاحقة فلول التتار وتشتيتهم، في عام 658هـ/ 1260م تولى بيبرس حكم مصر عقب مقتل قطز.

اتصف بيبرس بالحزم ، والبأس الشديد، وعلو الهمة، وبعد النظر، وحسن التدبير، واجتمعت فيه صفات العدل والفروسية والإقدام، فلم يكد يستقر في الحكم حتى اتخذ عدة إجراءات تهدف إلى تثبيت أقدامه في الحكم منها: التقرب من الخاصة والعامة؛ بتخفيف الضرائب عن السكان، كما عفا عن السجناء السياسيين، وأفرج عنهم، كما عمل على الانفتاح على العالم الإسلامي لكسب ود زعمائه. وقام كذلك بالقضاء على الحركات المناهضة لحكمه، وأعاد الأمن والسكينة إلى البلاد .

أبلى بيبرس بلاء حسناً في خدمة الأمة والدين الإسلامي خلال فترة حكمه، وعمل على إنقاذ الخلافة الإسلامية من الانهيار بعد مقتل الخليفة العباسي على يد التتار عقب سقوط بغداد عاصمة الخلافة العباسية عام656هـ / 1258م وبقاء كرسي الخلافة خاوياً، وتمكن من استقدام أحد أمراء الأسرة العباسية إلى القاهرة وبايعه بالخلافة في احتفال كبير عام 660هـ/ 1262م، فكان هذا العمل ذا أثر كبير في جمع شمل الأمة الإسلامية حول خليفتها مرة أخرى.

عندما توطدت دعائم سلطة المماليك، وقويت شوكتهم، نتيجة الإجراءات التي اتخذها "بيبرس"، رأى هذا السلطان ضرورة متابعة سياسة صلاح الدين الأيوبي وخلفائه في طرد الصليبيين، وإجلائهم عن البلاد الإسلامية، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، فقد كان لزامًا عليه أن يجابه ما تبقى من الإمارات الصليبية وهي أنطاكية، وطرابلس، والجزء الباقي من مملكة بيت المقدس، وحتى يحقق هدفه اتبع إستراتيجية عسكرية قائمة على ضرب هذه الإمارات الواحدة تلو الأخرى، ولم تنقضِ سنة من السنوات العشر الواقعة بين عامي ( 659- 669هـ/ 1261- 1271م) دون أن يوجه إليهم حملة صغيرة أو كبيرة، وكان ينتصر عليهم في كل مرة .

فقد عمل بيبرس على تصفية الوجود الصليبي في الشام، وكان له الفضل في تطهير مدن قيسارية وأرسوف وطبرية ويافا وأنطاكية من الصليبيين.

كما لم يدخر بيبرس وسعاً في التصدي لأي خطر خارجي على الدولة الإسلامية، فقد اتخذ نفس الأسلوب في التصدي لدعوات التخريب الداخلية التي تبنتها بعض الفرق التخريبية المعروفة بالباطنية والتي لم تكن أقل خطراً من التتار أو الصليبيين، فقد أشاعت الذعر بين الناس وعملت على نشر مذهبها المنحرف، ناهيك عن إعمالها السيف في الكثير من القادة والعلماء، الأمر الذي جعل مجرد ذكرهم مصدراً للذعر بين الناس، لذا فقد استعمل بيبرس الحيلة للقضاء عليهم وعهد إلى العلماء باستقطاب أكبر عدد منهم للعودة إلي صفوف الأمة، فتاب منهم من تاب ولم يبق إلا عتاتهم الذين رفضوا العدول عن ما هم عليه، فقام بيبرس باقتحام قلاعهم وأماكن تمركزهم فقضى عليهم وشتتهم وخلص الأمة من شرورهم.

حرص بيبرس على تطوير الجهاز الادارى فاستحدث الوظائف الادارية والعسكرية
وسن بيبرس عدة تشريعات لتهذيب أخلاق المصريين لعل أهمها الأمر الذي أصدره في عام (664هـ/ 1266م) ومنع بموجبه بيع الخمور، وأقفل الحانات في مصر وبلاد الشام، ونفى كثيرًا من المفسدين.

من أهم منشآته العمرانية
- جدد بناء الحرم النبوي. - جدد بناء قبة الصخرة في القدس، بعد أن تداعت أركانها.
- أعاد الضياع الخاصة بوقف الخليل في فلسطين، بعد أن دخلت في الإقطاع، ووقف عليه قرية اسمها بإذنا.
- بنى مسجده المعروف باسمه في ميدان الأزهر في القاهرة باسم جامع الظاهر بيبرس.
- بنى مشهد النصر في عين جالوت تخليدًا لذكرى الانتصار على المغول.
- جدد أسوار الإسكندرية.
- أعاد بناء القلاع التي هدمها المغول في بلاد الشام مثل قلعة دمشق، قلعة الصلت، قلعة عجلون وغيره .
- عني بيبرس أيضا بالتجارة وسعى لتأمينها، وصك عملات خالصة نقية حازت على ثقة الناس، فازدهرت التجارة في عصره وعم الأمان ربوع دولته.

بعد حياة مليئة بالأحداث وبعد حكم دام لسبعة عشر عاماً توفي الظاهر بيبرس في 676 هـ/ 1277م

اذا أتممت قراءة المنشور اكتب الله أكبر
تعليقات
0 تعليقات

0 التعليقات:

جميع الحقوق محفوظة @ 2016 أنا مساــم.

Designed by Templateism